الدليل القانوني للمعلومات المضللة وخطاب الكراهية

مقدمة

     

دائما ما يعد الاختلاف في السياق القانوني والمفارقات التاريخية والتفاوت الثقافي ومصادر التشريع القانوني هو مصدر تشكيك وارتباك طالما يحاول العالم توحيد رؤية لمفهوم الحقوق والحريات والقضاء على جميع أشكال التمييز وترسيخ مبدأ المساواة. وكما قال المناضل نيلسون مانديلا “ ليس حراً من يهان امامه انسان ولا يشعر بالإهانة “  عزيزي قارئ هذا الدليل يجب عليك ان تكون على دراية تامة بمفهوم الاختلاف مما يعقد هذه المسائل، الاختلاف الذي يجعل من كل شي مغاير لنشأة أحداث ما تاريخية، الاختلاف الذي صنع عالمنا الحديث بقوانينه ومفاهيمه " قوانين السلطة ضد قوانين الإنسانية " المنتصر دائما هو كاتب التاريخ، هو السلطة إلى أن يأتي التغيير هو الحرب حتى يعم السلام.

المعلومات المضللة وخطاب الكراهية هما بقدم الحضارة البشرية، هما وجهان لعملة واحدة تسمى الاختلاف في وجهات النظر او المصالح، ففي السودان، بدأت حرب امتدّت لعقود كان وقودها خطاب الكراهية والإعلام المزيف والدعاية الحربية القائمة على عدم قبول الآخر المختلف وإعادة القولبة والهندسة الاجتماعية على هوية تفرض نفسها وتلغي الآخر، دارت الدوائر وإلى الآن ما زلنا هناك في ذلك اليوم الذي استيقظ فيه السودانيين على صوت المدافع المصحوبة بالرسائل من هنا وهناك والتضليل.  

حديثنا عن خطاب الكراهية والمعلومات المضللة سيكون قانونياً نستعين فيه بالنصوص القانونية والسوابق القضائية والأمثلة الحية وان نقيم الحجة، آملين منك عزيزي القارئ أن تساهم في الحد من خطابات الكراهية والمعلومات المضللة.

 

 

تعريفات المعلومات المضللة وخطاب الكراهية

 

 تعرف المعلومات المضللة 1  على انها معلومات خاطئة وغير صحيحة تنقل على انها معلومات صحيحة ينقلها شخص ما أو جهة ما بغض النظر عن أهدافها أو نيتها في التضليل والخداع، عادة ما تكون غير صحيحة في البداية وتنقل على أساس أنها موثوقة، ولكنها تعدل لاحقاً بحيث تؤثر على تفكير الناس بعد انتشارها، يمكن أن تكون الاخبار او التهكم من موضوع معين معلومات مضللة إذا حكم عليها بأنها ذات مصداقية ونقلها حرفيا كما لو كانت صحيحة، ويرتبط مصطلح المعلومات المضللة بتعبير الأخبار المزيفة والتي يعرفها بعض العلماء على انها معلومات كاذبة تحاكي محتوى الإعلام الإخباري في شكلها العام، وليس في طريقة نشرها وأسلوب تنظيمها، وتشمل الأمثلة البارزة للمعلومات المضللة الإشاعات الكاذبة، الاهانات والمقالب، الهدف الرئيسي منها اثارة الخوف والشك.

كما أن للمعلومات المضللة وسائل تساعد في نقلها كالتلفزيون، والراديو، الخطابات الرسمية وغير الرسمية ووسائل الإعلام وصولاً لاستخدام الذكاء الاصطناعي،ﻛﻣﺎ ﺣدث ﻓﻲ اﻟﺳودان ﺗم اﻟﺗﻣﮭﯾد ﻟﻼﻧﻘﻼب ﻋن طرﯾق ﺗﺿﻠﯾل اﻟرأي اﻟﻌﺎم وﺑث ﺑﻌض اﻟﻣﻌﻠوﻣﺎت اﻟﻣﺿﻠﻠﺔ2، اﻟﺗﻲ ﻣن اﻟﻣﻣﻛن أن ﺗﻛون ﻗد ﺑُﺛت ﺑﻐرض ﻗﯾﺎس اﻟرأي اﻟﻌﺎم ورﺻد ردود اﻷﻓﻌﺎل. ﻣﻣﺎ ﯾﺷﯾر إﻟﻰ أن ھﻧﺎﻟك ﺟﮭﺔ ﻣﺎ أرادت ﻗﯾﺎس اﻟرأي اﻟﻌﺎم ﻟﻠﺳوداﻧﯾﯾن ﻓﻲ اﻟﻣواﺿﯾﻊ واﻟﻘﺿﺎﯾﺎ، اﻟﺗﻲ ﺗﻣت إﺛﺎرﺗﮭﺎ ﺿﻣن ھذه اﻟﻣﻧﺷورات، أﻣﺎ ﺑﻌد ﺣرب ١٥ اﺑرﯾل، اﻣﺗد اﻧﺗﺷﺎر اﻟﻣﻌﻠوﻣﺎت اﻟﻣﺿﻠﻠﺔ وﺗﺿﺎرب اﻟﺣﻘﺎﺋق ﻣن ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﺑدء اﻟﻣﻌﺎرك إﻟﻰ اﻟﺳﯾطرة ﻋﻠﻰ اﻷرض، ﺛم ﺗواﻟت اﻷﺣداث واﺳﺗﻣر طرﻓﻲ اﻟﺻراع ﻋﻠﻰ اﻷرض ﻓﻲ ﺣرﺑﮭﻣﺎ اﻹﻋﻼﻣﯾﺔ اﻟﻣوازﯾﺔ ﻟﺗﻌزﯾز رواﯾﺎﺗﮭﻣﺎ، أو ﻟﻣﮭﺎﺟﻣﺔ ﺧﺻوﻣﮭﻣﺎ اﻟﺳﯾﺎﺳﯾة واﻟﻌﺳﻛرﯾة. وﻓﻲ ﺳﺑﯾل ﺗﺣﻘﯾق ذﻟك، ﺗﻧﺷط ﻋﺷرات اﻟﺣﺳﺎﺑﺎت واﻟﺻﻔﺣﺎت ﻋﻠﻰ ﻣﻧﺻﺎت  اﻟﺗواﺻل اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﺗﻧﺎﺻر طرﻓﻲ اﻟﺻراع وﺗﻧﺷر ﻣﻌﻠوﻣﺎت ﻣﺿﻠﻠﺔ وﻣﻔﺑرﻛﺔ ﺗﺳﺗﮭدف اﻟرأي اﻟﻌﺎم اﻟﺳوداﻧﻲ واﻟدوﻟﻲ. وﺑﯾﻧﻣﺎ ﻛﺎﻧت أﺳﺎﻟﯾب وأدوات اﻟﺗﺿﻠﯾل طﯾﻠﺔ اﻷﺷﮭر اﻟﻣﺎﺿﯾﺔ ﻣن اﻟﺣرب ﺗﻘﻠﯾدﯾﺔ، اﻧﺗﻘﻠت ﻓﻲ ﻣﺎرس إﻟﻰ ﻣرﺣﻠﺔ ﺟدﯾدة3 ﻣن اﻟﺗﺿﻠﯾل ﻓﻲ اﻟﺣرب اﻹﻋﻼﻣﯾﺔ اﻟﻣوازﯾﺔ ﻟﻠﺣرب ﻋﻠﻰ اﻷرض ﺑﯾن اﻟﺟﯾش واﻟدﻋم اﻟﺳرﯾﻊ.وﯾﺗﺿﺢ ﻣن ﻛل ذﻟك أن طرﻓﻲ اﻟﺣرب ﻓﻲ اﻟﺳودان أﺿﺣﯾﺎ ﯾﺳﺗﺧدﻣﺎن أﺳاﻟﯾب وأدوات أﻛﺛر ﺗطورا ﻟﺻﻧﺎﻋﺔ اﻟﻣﻌﻠوﻣﺎت اﻟﻣﺿﻠﻠﺔ ﻣﻧﮭﺎ اﻟذﻛﺎء اﻻﺻطﻧﺎﻋﻲ ﻟﺗﻌزﯾز رواﯾﺎﺗﮭم و اﻟﺗﺄﺛﯾر ﻋﻠﻰ اﻟرأي اﻟﻌﺎم اﻟداﺧﻠﻲ واﻟﺧﺎرﺟﻲ.

.

تعريف خطاب الكراهية

 

لا يوجد تعريف شامل لخطاب الكراهية بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان، لكن  ﺗﻌرف اﻟﻛراھﯾﺔ 4 ﻋﻠﻰ أﻧﮭﺎ إﺣدى اﻟﻌواطف اﻟﺳﻠﺑﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﺳم ﺑﺎﻻﺳﺗﯾﺎء واﻻﺷﻣﺋزاز ﻣن ﺷﺧص أو ﻣوﺿوع ﻣﻌﯾن، وﺗﺗرﺗب ﻋﻠﯾﮭﺎ ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟﻌواﻣل اﻟﻧﻔﺳﯾﺔ واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ واﻟﺛﻘﺎﻓﯾﺔ، و ﺗﻌﺗﺑر اﻟﻛراھﯾﺔ ظﺎھرة ﺷﺎﺋﻌﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟم، وﺗﺗﺟﻠﻰ ﻓﻲ أﺷﻛﺎل ﻣﺗﻌددة ﻣﺛل اﻟﻌﻧﺻرﯾﺔ واﻟﺗﻌﺻب واﻟﺗﻣﯾﯾز، ﻛﻣﺎ أﻧﮭﺎ ﺗﻠﻌب دورا ﺳﻠبيا ﻓﻲ ﺗﺷﻛﯾل اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ واﻟﻣﺟﺗﻣﻌﺎت، وﻗد ﺗؤدي إﻟﻰ إﻧﻌدام اﻟﺗﻔﺎھم واﻟﺗوﺗرات اﻟﺗﻲ ﯾﻣﻛن أن ﺗﻘود ﻟﺻراﻋﺎت ﺑﯾن اﻷﻓراد واﻟﺟﻣﺎﻋﺎت، ﯾﻣﻛن أن ﺗرﺗﻘﻲ ﻟﺟراﺋم ﺿد اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ، وﯾﻣﻛن أن ﯾﻛون اﻟﺗﻣﯾﯾز اﻟﻌﻧﺻري ﻣﺛﺎﻻً واﺿﺣﺎً ﻋﻠﻰ اﻟﻛراھﯾﺔ، ﺣﯾث ﯾﺗم اﺳﺗﻧﻛﺎر أو اﻋﺗﻘﺎد ﺳﻠﺑﻲ ﺗﺟﺎه ﻓﺋﺔ ﻣﻌﯾﻧﺔ ﺑﻧﺎءً ﻋﻠﻰ ﻋواﻣل ﺟﺳدﯾﺔ ﻣﺛل اﻟﻠون أو اﻟﻌرق، وﺗﺳﺗﻣر اﻟﻰ أن ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ أﻓﻌﺎل ﻣﺛل رﻓض ﺗوظﯾف ﺷﺧص ﺑﻧﺎءً ﻋﻠﻰ ﻟون ﺑﺷرﺗﮫ، أو ﻣﻧﻌﮫ ﻣن اﻟوﺻول إﻟﻰ الخدمات، اﻟﺗدﻗﯾق ﻓﻲ اﻟﻼﻋﺑﯾن ﻋﻠﻰ اﻹﻧﺗرﻧت واثارة ﺗﺳﺎؤﻻت ﺣول دورھم وﻣﺳؤوﻟﯾﺗﮭم ﻓﻲ إﻟﺣﺎق اﻟﺿرر ﺑﺎﻟﻌﺎﻟم اﻟﺣﻘﯾﻘﻲ. وﻧﺗﯾﺟﺔ ﻟذﻟك، ﺑدأت ﺑﻌض اﻟدول ﻓﻲ ﺗﺣﻣﯾل ﺷرﻛﺎت اﻹﻧﺗرﻧت ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻹﺷراف ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺣﺗوى اﻟذي ﯾﻌﺗﺑر ﻣﺧﺎﻟﻔﺎً ﻟﻠﻘﺎﻧون وإزاﻟﺗﮫ، ﻣﻣﺎ أﺛﺎر ﻣﺧﺎوف ﺑﺷﺄن اﻟﻘﯾود اﻟﻣﻔروﺿﺔ ﻋﻠﻰ ﺣرﯾﺔ اﻟﺗﻌﺑﯾر واﻟرﻗﺎﺑﺔ، ﺧﺻوﺻﺎ ﺑﻌد ان ظﮭرت ﻓﻲ اﻵوﻧﺔ اﻷﺧﯾرة ظﺎھرة ﻋدم اﻟﺗﻣﯾﯾز واﻟﻔﺻل بين حرية التعبير المحمية قانونياً والمشروعة، وبين خطاب اﻟﻛراھﯾﺔ، وﯾﻌد اﻟﺗﻔرﯾق ﺑﯾﻧﮭﻣﺎ ﺻﻌﺑﺎً ﻓﻲ ظل ﻋدم وﺟود ﻧص ﻣﺗﻔق ﻋﻠﯾﮫ ﻓﻲ ﺗﻌرﯾف ﺧطﺎب اﻟﻛراھﯾة.

 

المعلومات المضللة وخطاب الكراهية في القوانين  

 

المعلومات المضللة وخطاب الكراهية من الظواهر الموغلة في القدم والتي وجدت مع وجود الإنسان، ومن المسلم به أن أي جريمة، أيا كان نوعها أو درجة جسامتها وخطورتها لابد من وجود دافع للجاني، والدافع الجنائي هو الذي يحدد المقصود من الجريمة. تاريخياً عرفت خطاب الكراهية والمعلومات المضللة بمسميات كثيرة وتم تجريمها والمعاقبة عليها في أغلب الحقب التاريخية الإنسانية. يشار إلى المعلومات المضللة في السودان بنشر الأخبار الكاذبة او المضللة وذلك لما ورد في القوانين السودانية  كقانون جرائم المعلوماتية، وقانون الصحافة، والمطبوعات أو القانون الجنائي السوداني الذي نص في المادة ٦٦ " من ينشر أو يذيع أي خبر أو تقرير مع علمه بعدم صحته قصدا أن يسبب خوفا وذعرا للجماهير أو تهديد للسلام العام او انتقاصا من هيبة الدولة يعاقب بالسجن مدة لا تتجاوز ستة أشهر أو بالغرامة أو العقوبتين معا "وهنا تنحصر المعلومات المضللة في القوانين الجنائية ، وأيضاً كان هناك تعديلات على نصوص المواد الخاصة بالمعلومات المضللة في تفسير تعريف الجريمة، وعلى سبيل الذكر، كان التعديل الأول لقانون جرائم المعلوماتية 5 في مطلع  العام  ٢٠٢٠حيث أعلنت وزارة العدل السودانية أن إجراءات إجازة عدد من القوانين المهمة قد اكتملت بعد توقيع رئيس مجلس السيادة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان عليها، في خطوة نحو تحقيق مهام الفترة الانتقالية ، لافتة إلى أن من بين تلك القوانين تعديل قانون مكافحة جرائم المعلوماتية لسنة ٢٠٢٠ .وكان قد ذكرت وزارة العدل السودانية في بيان أن التعديل على القانون سماته العامة معنية بتشديد العقوبات لحماية حقوق المستخدم والحفاظ على الخصوصية ومنع انتشار الشائعات والنشر الضار.

وايضاً قد جاء ذكر خطاب الكراهية في القوانين السودانية، موضحاً في نص القانون الجنائي السوداني6 في المادة ٦٤ على " من يعمل على إثارة الكراهية أو الاحتقار أو العدوان  ضد أي طائفة أو بين الطوائف بسبب اختلاف العرق اللون أو اللسان بطريقة تعرض السلم العام للمخاطر يعاقب بالسجن مدة لا تتجاوز سنتين أو بالغرامة أو العقوبتين معاً.  

كما تعرّف المعلومات المضللة عالميا بمفهومها ومصطلحاتها الحديثة بعد الحرب العالمية الثانية، ولكن سرعان ما ظهر التضارب بينها وبين حرية التعبير، فكان العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية7 المادة ١٩ " ١/ لكل إنسان حق في اعتناق آراء دون مضايقة  ٢/ لكل إنسان حق في حرية التعبير8 ، ويشمل ذلك الحق في التماس مختلف ضروب المعلومات والأفكار وتلقيها ونقلها دونما اعتبار للحدود سواءً بشكل مكتوب أو مطبوع " الناظر إلى هذا النص يجد  من الواضح أنه  لكل شخص حرية قول ما يشاء متى ما يشاء دون قيود، ولكن يأتي الاستثناء هنا في الفقرة الثالثة من المادة ١٩ " تستتبع ممارسة الحقوق المنصوص عليها في الفقرة٢ من هذه المادة واجبات ومسئوليات خاصة " يأتي استثناء الفقرة الثالثة ويقيم حجة قانونية في تقييد ما ذكر في الفقرة الثانية ألا وهي أن لا يكون هذا التعبير " الواجبات والمسئوليات الخاصة " " احترام حقوق الآخرين وسمعتهم " إشانة السمعة ونشر الأخبار الكاذبة لا تعد حرية تعبير بل هي جريمة تعاقب عليها القوانين 9 ".

ذكرت المعاهدات والقوانين الدولية خطاب الكراهية بصورة أكثر شمولية، حيث نشرت الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري10 التي اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام ١٩٦٥ بحظر الدعاية ونشر الأفكار حول التفوق العنصري والتمييز العنصري في المادة "٤"، ايضاً في عام ١٩٩٧ أصدر مجلس أوروبا توصية قانونية بشأن خطاب الكراهية الذي يعرفه بأنه "جميع أشكال التعبير التي تنشر أو تحرض أو تروج أو تبرر الكراهية العنصرية، أو كراهية الأجانب، أو معاداة السامية أو غير ذلك من أشكال الكراهية القائمة على التعصب". وذكر العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية 11 في المادة "٢٠ " تحظر بالقانون أية دعوة إلى الكراهية القومية أو العنصرية أو الدينية تشكل تحريضا على التمييز أو العداوة او العنف.

كيفية تقديم البلاغات والإجراءات القانونية  

كما ذكرنا سلفا، أن المعلومات المضللة وخطاب الكراهية هي جرائم كغيرها من الجرائم يعاقب مرتكبها وفق للقوانين المحلية والعالمية، ولكن لكل شخص الحق في التقدم ببلاغ ضد كل من ينشر خطاب كراهية أو معلومات مضللة يتضرر منها في شخصه أو المجموعات التي ينتمي إليها. الطريق الاجرائي للتقدم ببلاغ ضد  ناشر المعلومات المضللة  أو خطاب الكراهية، دائماً ما تكون طرق التقاضي الجنائية في السودان عبر قانون الإجراءات الجنائية ١٩٩١12 والذي حدد طرق رفع الدعوى الجنائية والتي ذكرت في المادة ٣٣ ابتداء " ترفع الدعوى الجنائية بناء على علم  شرطة الجنايات العامة أو النيابة العامة بناء على ما تقدم لها من بلاغ  أو شكوى " هذه المادة بوضوح  نصها توضح العملية البسيطة لرفع الشكوى الجنائية ، أي أن الشرطة  تبدأ في الإجراءات على حسب علمها باستخدام سلطتها المذكورة في نفس القانون في المواد ٢٥  ، أو لدى النيابة بعد رفع البلاغ لها

ويجب ان نعلم ان البلاغات والدعاوى الجنائية لها قسمان الأول هو تقديم الشكوى في قسم الشرطة الذي يقع في دائرة الاختصاص او طلب الإذن من النيابة المختصة بفتح البلاغ إذا كانت التهمة تحتاج إلى إذن يجب علينا معرفة ذلك.

المادة ٣٤ ذكرت من له حق رفع البلاغ أو الشكوى كالاتي " يرفع البلاغ من أي شخص مكلف بحفظ الأمن والنظام العام او من اي شخص في الجرائم التي بها حق عام - ترفع الشكوى الذي ارتكبت الجريمة في حقه أو في نطاق مسؤوليته او من ينوب عنه فإذا كان الذي ارتكبت في حقه الجريمة صغيرا أو مصاب بعاهة عقلية جاز لوليه أن يرفع الشكوى نيابة عنه "13 ، هنا يتضح لنا ان لكل شخص ارتكبت في حقه جريمة من الجرائم الواردة في القانون الجنائي أو أي قانون جنائي آخر مثل قانون الجرائم المعلوماتية أو قانون الطفل فهذه القوانين كلها جنائية خاصة مكملة للقانون الجنائي له الحق في رفع الدعوى ، ولكي لا تشطب لك دعوه يجب عليك مراعاة دائرة الاختصاص والأهلية في التقدم برفع البلاغ ،والمقصود بدائرة الاختصاص هي المنطقة التي وقعت فيها الجريمة  ويتم تحديد دائرة الاختصاص بناء على التقسيم الإداري للمحليات والوحدات الإدارية على حسب قانون الحكم المحلي للدولة وتختص  النيابة الشرطة التي تقع في دائرة اختصاصها على ما ذكر في المادة 29 والتي نصت على دائرة الاختصاص “ تجري التحريات والمحاكمات في أي جريمة أمام شرطة الجنايات أو وكالة النيابة والمحكمة التي وقعت الجريمة فى دائرة اختصاصها وتعتبر الجريمة واقعة في دائرة الاختصاص في أي من الحالات الاتية اولا ارتكاب الجريمة كلياً أو جزئياً في المكان الذي يعد داخل دائرة الاختصاص ،ثانياً وجود أثر ظاهر للجريمة في المكان الواقع في دائرة الاختصاص ،إذا كانت الجريمة متفرعة من جريمة أصلية وقعت داخل دائرة الاختصاص ،ثالثاً وجود المتهم او الشاكي داخل دائرة الاختصاص14        

بعد معرفتنا بالطرق السليمة لرفع البلاغ او الشكوى الجنائية والعلم بأن كل شخص تعرض لجريمة له الحق في التقاضي يجب علينا أن نعرف كيفية تقديم دعاوي جنائية في ناشر المعلومات المضللة أو خطاب الكراهية. إذا كان نشر المعلومة المضللة بغرض الإساءة الشخصية أو إساءة السمعة او نشر الأقاويل والأكاذيب بصورة شخصية على المجني، عليه ملاحظة الآتي:

 

١/ إذا كان النشر شفاهية أو على أجهزة الراديو والتلفزيون فهذه جريمة من جرائم القانون الجنائي السوداني يكون الاختصاص هنا للنيابة الجنائية  

٢/ إذا كان النشر على وسائل التواصل الاجتماعي تعتبر جريمة معلوماتية ودائرة الاختصاص هنا تكون نيابة الجرائم المعلوماتية  

 

تختص الشرطة الجنائية والنيابة العامة الجنائية بالجرائم والمحكمة الجنائية العامة بدرجاتها على الفقرة الأولى، أمّا الفقرة الثانية يكون الاختصاص لنيابة الجرائم المعلوماتية ولمحكمة الجرائم الإلكترونية. تفتح الدعاوى الإلكترونية بعد إذن من نيابة الجرائم المعلوماتية أي على المجني عليه أو المدعي تقديم شكوى لوكيل النيابة في نيابة الجرائم المعلوماتية. والسؤال هنا يكون إذا كانت المعلومات المضللة أو خطاب الكراهية نشرت بصورة عامة لم يذكر فيها افراد او مجموعات أو مؤسسات بعينها كيف يكون الإجراء؟  

للإجابة على هذا السؤال علينا اولاً النظر إلى النصوص التي تجرم الفعل والنظر إلى كيفية الإجراءات التي ترفع فيها الدعوى في مثل هذه الحالة فالجرائم منقسمة إلى جرائم بها حق عام ويقصد بالحق العام هنا الجرائم التي تنتج ضرر عام على الدولة أو المجتمعات والمعلومات المضللة ونشر خطاب الكراهية هي من الأفعال التي ينتج فيها الضرر العام، هنا يحق لكل شخص في إطار مسؤوليته الوظيفية، شرطة، نيابة، أن يقوم بفتح الدعوى في مواجهة ناشر هذه المعلومات المضللة وخطاب الكراهية او اي جماعة تشعر بالضرر أو أي جماعة تهتم بالحقوق والأفراد الذين ينشطون في مجابهة الجرائم العامة بصفتهم الشخصية أو الدولة.

 

تقدمت المواطنة "س" ببلاغ ضد "ع " في احد أقسام شرطة الخرطوم بعد أخذ الإذن من نيابة جرائم المعلوماتية وذلك بعد أن قام " ع " بنشر اخبار كاذبة ومعلومات مضللة عن طبيعة عملها وكان النشر علي مواقع التواصل الاجتماعي " فيسبوك " مرفقاً المنشور بصوره خاصة بها واسمها وعنوان سكنها ورقم الهاتف الخاص بها، بعد تحريات النيابة والاطلاع علي الأدلة "منشور علي صفحة الشخصية علي فيس بوك" وصى وكيل النيابة بفتح البلاغ وإجراء التحقيق وبعد اجراء التحقيقات اللازمة وبما لا يدع مجال للشك ان المتهم هو من قام بالترويج لهذه المعلومات. صدر قرار بإحالة القضية الي المحكمة المختصة محكمة الجرائم المعلوماتية بالخرطوم ، وبعد جلسات الاتهام والسماع للمدعية وقدم وكيل المدعي علية دفوعه حكمت المحكمة بإدانة المدعي عليه استناداً على المادة "١٧ " من القانون التي تنص علي الاتي " كل من يستخدم شبكة المعلومات لإشانة السمعة يعاقب بالسجن مدة لا تتجاوز سنتين او بالغرامة او بالعقوبتين معا" ، ونخلص في هذه القضية الى أنه يمكن ان نقدم البلاغات في مواجهة اي شخص ينشر معلومات مضللة او غير صحيحة في شخصا او في نطاق مسؤوليتنا ، والا نقوم بنشر اي معلومات غير صحيحة او مضللة او معلومات غير مؤكدة حتى وإن كان نشر تلك المعلومات بحسن نية وعلينا التأكد من صحة المعلومة قبل النشر والتحري من المصدر الموثوق للخبر او المعلومة وان نشير الي المصدر الذي وجدنا فيه تلك المعلومات . توضح هذه القضية كيفية تقديم البلاغ واتباع الإجراءات الصحيحة وتؤكد حق الفرد او الجماعة في استخدام القوانين.

 

تقدمت الحكومة السودانية عبر وزارة العدل ببلاغ رسمي ضد أحد الإعلاميين السودانيين تم فتح البلاغ في مواجهة المدعى عليه بالمادة ٦٤ من القانون الجنائي السوداني والتي تنص على " إثارة خطاب الكراهية بين المجموعات والطوائف الدينية والعرقية " اثر خطاب منشور للإعلامي، أمرت النيابة بفتح البلاغ وإلقاء القبض على الشخص المتهم وإيداعه في الحراسة على ذمة التحري وبعد التحري تم التوصية من الضابط المسؤول برفع البلاغ إلى النيابة التي بدورها رفعت توصيتها بتحويل الملف إلى المحكمة المختصة " المحكمة الجنائية " كانت دوافع الاتهام في المحكمة والأدلة هي منشور خاص بالمتهم وجاء دفاعه على الاتي  

البينات المقدمة في محضر الاتهام وهي عبارة عن منشور لا تحتوي على أي خطاب كراهية وان المنشور لا يخص المتهم وهو منشور مفبرك مع طلب مقدم من الدفاع بفحص دليل الاتهام في الأدلة الجنائية ليثبت حالة التزوير في المنشور بعد سماع الاتهام والدفاع خلصت المحكمة إلى قبول طلب الدفاع في فحص الدليل جنائيا وقد كان رأى الخبير أن المنشور مفبرك هنا خلصنا إلى براءة المتهم من التهمة المنسوبة إليه لعدم وجود دليل. نخلص إلى أنه في حال فتح أي بلاغ بمواجهتك أو اتهامك بنشر معلومات مضللة أو خطاب كراهية زوراً يجب عليك الاطلاع على محضر القضية والنظر إلى أدلة الاتهام والاستعانة بمحام للدفاع عنك.

 

أصدرت إحدى الجهات الحكومية قرار بفصل أحد الموظفين والتشهير به بعد تلقيها معلومات بعدم نزاهة الموظف ونشرت ذلك التشهير المضر بسمعته علي وسائل إعلامية بغرض انها تعمل على مبدأ الشفافية وعلى ذلك اتخذ الموظف إجراءات قانونية في مواجهة المؤسسة الحكومية والجهة الإعلامية التي نشرت تلك المعلومات بالتقدم ببلاغ جنائي بنشر معلومات كاذبة وفقا للقانون الجنائي وايضاً تقدم ببلاغ لمحكمة العمل للطعن في الفصل التعسفي الذي تعرض له ، وقدم في مرافعة اتهامه للمؤسسة الحكومية انها وعلي حسب اللوائح القانونية لم تجري أي مجلس محاسبة الموظف وأنه قد اعتمدت على معلومة مضللة اخترعتها المؤسسة للتخلص من الموظف وأن تلك المعلومات التي نشرتها على الإعلام غير صحيحة وتخلو من المصداقية ، لم تستطع المؤسسة تقديم دفاع كافي ولم يكن لديها ما ينفي ادعاء الموظف فحكمت المحكمة لصالح الموظف بمعاقبة المؤسسة بالغرامة لأن المؤسسة تعد شخصية اعتبارية في القانون والشخصيات الاعتبارية توقع عليها في الغالب الجزاء بالغرامة.  

نخلص في هذا النموذج من القضايا إلى أنه يحق للشخص العادي التقدم بالبلاغ الجنائي في مواجهة الشخصيات الاعتبارية متى ما كان ضحية للمعلومات المضللة أو خطابات الكراهية من تلك المؤسسات.

 

دور التوعية والتثقيف في القضاء على المعلومات المضللة وخطاب الكراهية

 

من المهم جداً معرفة خطورة المعلومات المضللة وخطاب الكراهية وخطورة النشر الضار للمعلومات غير الدقيقة أو نشر خطاب الكراهية وأنها جرائم غير اخلاقية وتساهم في الحد من الحق الإنساني في الحياة دون تمييز أو اضطهاد على اساس "النوع ،الدين ،العرق ،اللغة والجغرافيا" أو حصول الشخص على المعلومة الصحيحة وتؤثر سلباً أما بنشر معلومات عن اشخاص او مجموعات على أساس غير صحيح بسوء، قد يكون خطاب الكراهية قول أو فعل كالأغاني المحرضة على الحرب وتعد خطابات كراهية الخطابات التي لا تراعي حرية الناس العامة والخاصة وتحرض على التمييز هي والتنميط . ايضاً يعد خطاب كراهية المنشورات في الصحف الإخبارية التي تحرض على التفرقة كما فعل الصحفي الطيب مصطفي يوم انفصال الجنوب بذبح ثور أسود15 او المقال الذي كتبه على جريدة الخاصة بعنوان " بلا وانجلا" وهو م يعني أن انفصال الجنوب اذهب شراً عظيما عن السودانيين والشر هنا هم الجنوبيين، هذه الخطورة التي تتمثل في خطاب الكراهية والمعلومات المضللة من الطبيعي أن تضر بالسودانيين وتزيد من عمر الصراع الحالي، لذا علينا العمل الجاد على الحد من نشر الشائعات المضللة والخطابات العنصرية والتنميط. علينا أن نعرف ما هي المعلومات المضللة وخطاب الكراهية ومعرفة الأخطار التي تنتج عن ممارسة خطاب الكراهية والمعلومات المضللة بالإضافة لاحترام حقوق الناس في الحصول على معلومات صحيحة وعدم المساعدة على النشر والتبليغ عن ناشريها أو مروجي خطاب الكراهية. يجب أيضاً معرفة القوانين التي تجرم المعلومات المضللة وخطاب الكراهية وسبل التقاضي وتقديم البلاغات في الجهات القضائية.

جدير بالذكر أيضاً المعرفة الرقمية والإلمام بطرق مكافحة التضليل والكراهية بالتبليغ لدي المواقع الإلكترونية عن الحسابات التي تنشط في النشر الضار أو المحتوى الحساس.

 

هنا لدينا بعض المراكز التي تعمل في العدالة والتصدي لخطابات الكراهية والمعلومات المضللة وتقديم العون القانوني للضحايا يمكن التبليغ  

 

ensanlegalaid@gmail.com

+249904412705

h12680062@gmail.com

 

التعاون الدولي للقضاء على خطاب الكراهية والمعلومات المضللة

 

الكثير من المبادرات الدولية والمنظمات والمنصات الإعلامية والقانونية وبعض الدول تعمل على القضاء والحد من خطاب الكراهية والمعلومات المضللة والتي بدورها قامت بإنشاء عدد من المراكز والمؤسسات والشركات للضغط على المنصات التي تقوم بالترويج أو احتضان الناشرين الذين ينشرون خطاب الكراهية او المعلومات المضللة واﻟﺗدﻗﯾق ﻓﻲ اﻟﻼﻋﺑﯾن ﻋﻠﻰ اﻹﻧﺗرﻧت وأﺛﺎر ﺗﺳﺎؤﻻت ﺣول دورھم وﻣﺳؤوﻟﯾﺗﮭم ﻓﻲ إﻟﺣﺎق اﻟﺿرر ﺑﺎﻟﻌﺎﻟم اﻟﺣﻘﯾﻘﻲ. وﻧﺗﯾﺟﺔ ﻟذﻟك، ﺑدأت ﺑﻌض اﻟدول ﻓﻲ ﺗﺣﻣﯾل ﺷرﻛﺎت اﻹﻧﺗرﻧت ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻹﺷراف ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺣﺗوى اﻟذي ﯾﻌﺗﺑر ﻣﺧﺎﻟﻔﺎً ﻟﻠﻘﺎﻧون وإزاﻟﺗﮫ، ﻣﻣﺎ أﺛﺎر ﻣﺧﺎوف ﺑﺷﺄن اﻟﻘﯾود اﻟﻣﻔروﺿﺔ ﻋﻠﻰ ﺣرﯾﺔ اﻟﺗﻌﺑﯾر واﻟرﻗﺎﺑﺔ، ﺧﺻوﺻﺎ ﺑﻌد ان ظﮭرت ﻓﻲ اﻵوﻧﺔ اﻷﺧﯾرة ظﺎھرة ﻋدم اﻟﺗﻣﯾﯾز واﻟﻔﺻل بين حرية التعبير المحمية قانونياً والمشروعة، وبين خطاب اﻟﻛراھﯾﺔ، وﯾﻌد اﻟﺗﻔرﯾق ﺑﯾﻧﮭﻣﺎ ﺻﻌﺑﺎ ﻓﻲ ظل ﻋدم وﺟود ﻧص ﻣﺗﻔق ﻋﻠﯾﮫ ﻓﻲ ﺗﻌرﯾف ﺧطﺎب اﻟﻛراھﯾﺔا.

ﺑدءا ﻣن اﻷرﺑﻌﯾﻧﯾﺎت واﻟﺧﻣﺳﯾﻧﯾﺎت ﻣن اﻟﻘرن اﻟﻌﺷرﯾن، اﺳﺗﺟﺎﺑت ﻣﺟﻣوﻋﺎت اﻟﺣﻘوق اﻟﻣدﻧﯾﺔ اﻷﻣرﯾﻛﯾﺔ اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ إﻟﻰ ﻓظﺎﺋﻊ اﻟﺣرب اﻟﻌﺎﻟﻣﯾﺔ اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ ﻣن ﺧﻼل اﻟدﻋوة إﻟﻰ ﻓرض ﻗﯾود ﻋﻠﻰ ﺧطﺎب اﻟﻛراھﯾﺔ اﻟذي ﯾﺳﺗﮭدف اﻟﻣﺟﻣوﻋﺎت ﻋﻠﻰ أﺳﺎس اﻟﻌرق واﻟدﯾن، اﺳﺗﺧدﻣت ھذه اﻟﻣﻧظﻣﺎت اﻟﺗﺷﮭﯾر اﻟﺟﻣﺎﻋﻲ ﻛﺈطﺎر ﻗﺎﻧوﻧﻲ ﻟوﺻف ﻋﻧف ﺧطﺎب اﻟﻛراھﯾﺔ وﻣﻌﺎﻟﺟﺔ أﺿراره. وﻓﻲ ﻣﻧﺎﻗﺷﺗﮫ ﻟﺗﺎرﯾﺦ اﻟﺗﺷﮭﯾر اﻟﺟﻧﺎﺋﻲ، ذﻛر اﻟﺑﺎﺣث ﺟﯾرﯾﻣﻲ واﻟدرون "أن ھذه اﻟﻘواﻧﯾن ﺳﺎﻋدت ﻓﻲ اﻟدﻓﺎع ﻋن اﻟﻧظﺎم اﻟﻌﺎم، ﻟﯾس ﻓﻘط ﻣن ﺧﻼل اﺳﺗﺑﺎق اﻟﻌﻧف، وﻟﻛن ﻣن ﺧﻼل دﻋم اﻟﺷﻌور اﻟﻣﺷﺗرك ﺑﺎﻟﻌﻧﺎﺻر اﻷﺳﺎﺳﯾﺔ ﻟﻣﻛﺎﻧﺔ ﻛل ﺷﺧص وﻛراﻣﺗﮫ وﺳﻣﻌﺗﮫ ﺿد اﻟﮭﺟوم ﻛﻣواطن أو ﻋﺿو ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ذي وﺿﻊ ﺟﯾد"، السودان كدولة لم يكن شريكاً في أي من المبادرات العالمية او الاتفاقيات السياسية والحقوقية16  التي تناهض المعلومات المضللة، ولكنه موقع على العهود الدولية التي تتضمن في مواثيقها حماية حرية التعبير والحق في الوصول إلى المعلومة الصحيحة وإلغاء التمييز. هذا التعاون الدولي ساهم ويساهم بصورة كبيرة في الحد من انتشار المعلومات المضللة وخطاب الكراهية وتضييق الخناق على الفاعلين السلبيين. يجب علينا كسودانيين إنشاء شراكات دولية فعالة والاستفادة من المبادرات والمجموعات وحتى القوانين الدولية في التطبيق العملي للحد من خطاب الكراهية والمعلومات المضللة.

التقييم والتحسين المستمر  

إذا قمنا بتقييم التجربة القانونية للقوانين العقابية او الإجرائية سنجد نوع من القصور فيها ولندرك هذا القصور الذي نذكره علينا العمل على آليات التحسين المستمر، استخدام القوانين وتفعيلها وتطويرها بما يتماشى مع التطور التكنولوجي بالضرورة يضعنا في الطريق الصحيح.

استمرار التحسين المستمر يجعل من هذه القوانين أكثر فاعلية بدأ من تغيير مصادر تشريع القوانين  والمقصود بمصادر التشريع هي المراجع التي يستند عليها المشرع في خلق القوانين سواء كانت تلك المصادر من الدين، أو العرف، او العادات والتقاليد، أو المصادر التي ورثتها مؤسساتنا العدلية من الاستعمار واضافة الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان كمصدر تشريع القانون   وخلق عقوبات مناسبة لجرائم المعلومات المضللة والنشر الضار وخطاب الكراهية ونشر ثقافة الحد من الجريمة بصورة عامة. إحدى المشكلات التي تواجهها القوانين وخاصة في السودان هي مصادر تشريع القوانين التي يستند إليها المشرع في كتابه القانون, أيضاً لدينا سلطة الدولة في التدخل ورقابة القوانين وتعد القوانين السودانية بصفة خاصة بعيدة كل البعد عن مبادئ حقوق الإنسان وهي قوانين عقابية في المقام الأول مخصصة لردع الإنسان لذا للوصول إلى قوانين صالحة تراعي الحقوق والواجبات وتكون ذات طابع اصلاحي للإنسان وليس عقابي فقط يجب علينا الضغط المستمر لتغيير مصادر التشريع القانونية وخلق نصوص عادلة غير فضفاضة يتم تعريف الجرائم فيها بصورة مضبوطة لغوياً لتحديد الفعل الذي يعد جريمة في القانون السوداني. خطاب الكراهية ونشر المعلومات المضللة تعد من الجرائم التي لم تأخذ نصيب واضح من التعريف أو الذكر الكافي في كتب شرح وتفسير القوانين فبمجرد النظر إلى نصوص القانون التي تخصها تجد أن النصوص غير واضحة في تعريف الفعل الذي يعد جريمة وانا الفقرة العقابية غير ملائمة للفعل نشر خطاب الكراهية أو المعلومات المضللة جريمة لها أثر كبير قد ينتج من معلومة مضللة حروب او ازهاق  ارواح بريئة فكيف أن تكون العقوبة خفيفة ، ذكرنا سابقا ان القانون يجب أن يكون اصلاحي وليس عقابي ولكن الأفعال الخطيرة لابد أن يكون لها جزاء رادع.

التحسين يجب ان يدرك أيضاً المؤسسات العدلية بكافة مستوياتها سواء وزارة العدل، او الشرطة، او النيابة، أو القضاء وحتى البرلمان أو المجالس التشريعية التي تقوم بالتشريع ومحاسبة الجهات التنفيذية، فالسودانيون  يعانون من عدم المعرفة المباشر بالقوانين فعند إصدار أي قانون جديد أو تعديل لا يتم الإعلان بصورة مباشرة عن ذلك القانون وطرق النشر والإعلان غير كافية، يتم النشر على صحيفة "الغازيتا " وهي في الأصل كتيب به نصوص المواد من غير شرح كافي او تفسير وطريقة النشر تكون طباعة الكتاب وتوزيعه على الأسواق.  

 

بعض المقترحات للتقييم والتحسين المستمر:

١/ إجراء تعديلات قانونية واسعة تشمل القوانين الجنائية المجرمة للمعلومات المضللة وخطاب الكراهية وقانون الإجراءات والإثبات وتوضيح الغموض في النصوص، والمقصود بالغموض هو ما يشوب النص من قصور وتشوهات مفاهيمه خاصة بالدلالة اللغوية.  

٢/ إنشاء محاكم ولجان متخصصة تختص بالجرائم المتعلقة بالنشر الكاذب او المضلل وخطاب الكراهية وتختص اللجان بالصياغة النصية والرقابة والتوعية، يكون دور الرقابة والتوعية في الحد من النشر الكاذب والمعلومات المضللة في الحد من ارتكاب الجرائم هو المحددات الرئيسة لتقوية أي منظومة عدلية.  

٣/ الدعم الدولي للمؤسسات العدلية الإقليمية والمحلية والدولية لمكافحة المعلومات المضللة وخطاب الكراهية والتعريف الجيد بخطورة المعلومات المضللة والشائعات. 




Successful Transaction
Invalid Transaction

هذه المنصة ضمن احد مشاريع منظمة Labs للتنمية و هي منظمة سودانية غير حكومية يقودها الشباب، تأسست في مارس 2021، تهدف إلى دعم وتزويد الفاعلين في المجتمع المدني السوداني، والمنظمات والمبادرات التي يقودها الشباب، والمؤسسات الاجتماعية والمشاريع الإبداعية بالأدوات والمعرفة والقدرات والتقنيات وفرص التواصل اللازمة للعمل والاستدامة والازدهار.



جميع الحقوق محفوظة لمنظمة Labs للتنمية 2024